مستقبل إدارة الأعمال والتكنولوجيا
مستقبل إدارة الأعمال والتكنولوجيا
د.محمود عسكري
كلية الأعمال
في البداية، أحمد الله تعالى الذي يسر لأبنائنا وبناتنا طريق العلم، وأعانهم بفضله وبرحمته على إتمام مرحلة مهمةٍ من مراحله، فلك الحمد يا ربنا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
أبنائي، بعد أن انقضت تلك السنوات الجميلة التي قضيتموها في رحاب بيتٍ من بيوت المعرفة، وانطلقتم بما تحملون من علمٍ للسير في مساركم المهني لجني ثمار تعبكم، أذكركم بما علمتني الأيام من تجارب، بأن العلمَ وتحصيله لا يقف عند الحصول على الشهادة الجامعية الأولى، أو ما يليها من مؤهلات، وإنما يمتد على مسيرة حياة الإنسان، ولا أجد في هذا الأمر أفضل من قول الله عز وجل في كتابه الكريم: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (الإسراء - 85). فالشهادة الجامعية هي اللبنة الأولى في مسيرة التعلم، وهي الوعاء الذي تضاف إليه الخبرات، وتدخل عليه الأمور المستجدات، فتصقله وتحسنه، وهو الوعاء الذي تغذيه التجارب، وتخالطه الخطوب، فيزداد بها رونقاً وجمالاً.
أبنائي الأعزاء، مع هذا التطور الهائل بالمعرفة، تصبح الشهادة الجامعية أمراً ضرورياً وملحاً، وليس رغبةً كماليةً نزين بها أسمائنا، أو نعلقها على جدران مكاتبنا، فبها يبدأ النجاح، ومنها تُستمدُ تنافسية الفرد، والتي هي جزءٌ من تنافسية المؤسسات الدول، وعليها يعَوَلُ في استدامة تقدم المجتمعات وازدهارها. ودُورُ العلم هي حصن المجتمعات الحصين، وبابها المتين، وكنزها الثمين، وهي مركز الثروة في المجتمع، منها تتوزع المكاسب، وفي أروقتها تدرك المآرب، وهي باب الوصول إلى المراتب والمناصب. وهي مشرعةُ الأبواب لاحتضان زوارها، لا تَرُدُّ عن بابها سائل، ولا يحول بينها وبين طالب العلم حائل، وهي ليست كسواها، فهي تأتي من أتاها، وتنتظر من سلاها، وتشفقُ على من جافاها. فلا تقطعوا وصلها، ولا تنسوا فصلها، واذكروا دائماً فضلها، وتذكروا أيامها الجميلة، فكل أيامها جميلة، ولو شابها شيءٌ من السهر والتعب.
أبنائي، لا تهجروا الكتاب، ولا تغلقوا للعلمِ الأبواب، ولا ينقطع وصلكم بالعلم وأهله ودوره، ولتكن لذَّةُ التعلم حاضرة في مسيرتكم، تنير لكم الدرب، وتذلل لكم الصعب، وتعينكم على كل كرب. ففي هذا الزمان الذي نعيش، أصبح الاقتصاد اقتصاد المعرفة، من تعلم فيه غَنِمْ، ومن ترك التعلم ندمْ، ومن أضاء بالعلم طريقه أفلح وسلمْ. فبالعلم تُبنى الديار، وبه تزدهر الأقطار، ولا يزيد العلمُ صاحبه إلا عزاً، وهجر العلم يذهب بالثراء إذا وجد، وقد صدق من قال:
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها – والجهل يهدم بيتَ العزِ والكرمِ
وختاماً، لا يسعني إلا أن أتوجه إلى الله العلي القدير أن يحفظ أبنائنا وبناتنا من كل سوء، وأن ينعم على دولة الإمارات حكومةً وشعباً برضاه ورحمته وبركاته، إنه نعم المولى ونعم النصير.